في مجال الطهي الرفيع، تتلألأ نماذج استثنائية تجرؤ على مزج الفن بالمذاق، تاركة أثرًا لا يُنسى في قلب كل الذوّاقة. الشيف حصة الجسمي هي إحدى ألمع هذه النماذج، شيف إماراتية شابة تحمل شغفًا متقدًا بفنون الطهي، درست وتدرّبت في أرقى المدارس العالمية حيث صقلت مهاراتها لتجمع بين الأكاديمية والإبداع الشخصي.
بطموح يتجاوز الحدود، وبأسلوبها المتجذّر في التراث والابتكار اختارت أن تجعل من المطبخ الإماراتي نقطة انطلاقها، لتقدّمه للعالم بروح جديدة تمزج بين الأصالة والابتكار، وتروي من خلاله حكايات المكان والزمان. هي سفيرة الإمكانات التي لا تعرف التراجع، حيث تصنع من كل طبق معزوفة تستشعر فيها روح الجزيرة، وتتجاور فيها التقاليد مع الأناقة العصرية.
في هذه المقابلة، نفتح معها صفحات من رحلتها، لنستكشف بداياتها، ونغوص في رؤية طاهية تجسد المستقبل والهوية في آن.

ما هي الجذور أو الذكريات الأولى التي ألهمتك لاختيار فنون الطهي كمسارك المهني؟
بدأ شغفي من المنزل. لطالما كان الطبخ والخَبز لعائلتي مصدر سعادة لي، وكان ذلك أكثر من مجرد هواية عابرة بالنسبة لي، بل أخذته دومًا على محمل الجد. مع مرور الوقت، تحوّل هذا الشغف من اهتمام شخصي إلى مسيرة مهنية. قبل عام، اتخذت قراري بدراسة فنون الطهي بتركيز أكبر والالتزام الكامل بهذا الطريق والتفرغ التام له.
لديك شغف واضح بالتنوع الثقافي في المطبخ. كيف تختارين الأطباق أو التقنيات العالمية التي تدمجينها مع النكهات الإماراتية؟
أبحث دائمًا عن الانسجام والتناغم. يتميز المطبخ الإماراتي بهوية قوية، لذلك أنتقي تقنيات أو مكونات تضيف إليه وتكمله، دون أن تطغى على هذه الهوية. أحيانًا يتعلق الأمر بتحسين القوام باستخدام أساليب فرنسية، أو إضافة لمسة من دقة التقنية اليابانية، لكنني أحرص أن يبقى جوهر الروح الإماراتية في قلب كل طبق.
برأيك، ما الذي يجعل المطبخ الإماراتي مميزًا اليوم؟ وكيف يمكن تقديمه للعالم بطريقة توازن بين الأصالة والحداثة؟
المطبخ الإماراتي فريد من نوعه لأنه يروي قصصًا عن التجارة والتوابل وكرم الضيافة. ولتقديمه للعالم، أؤمن بأهمية إبراز هذه الجذور باستخدام تقنيات حديثة وأساليب تقديم راقية. بهذه الطريقة، يحافظ على أصالته وفي الوقت نفسه يصبح قريباً ومتاحاً للذواقة العالميين.
كيف أثّر تدريبك في لو كوردون بلو وإيكول دوكاس على رؤيتك في الطهي، خصوصًا في المزج بين التقنيات العالمية والنكهات الإماراتية؟
منحني التدريب في المدرستين أساسًا متينًا من الانضباط كما منحني الإبداع والابتكار. “لو كوردون بلو” عزّزت لديّ القواعد الأساسية، بينما “إيكول دوكاس” دفعتني نحو التجديد وكسر القوالب. الجمع بينهما أعطاني الثقة في المزج بين التقنيات العالمية والنكهات المحلية، بأسلوب راقٍ وشخصي في آن واحد.
كيف يمكن ليوم المرأة الإماراتية أن يلهم النساء لتحويل التحديات إلى قوة ودافع في مجال الطهي؟ وما نصيحتك للفتيات العربيات الطموحات في هذا المجال؟
يوم المرأة الإماراتية تذكيرٌ قوي بأن التحديات يمكن أن تتحول إلى مصدر قوة. نصيحتي للشابات، وخاصةً الطاهيات الطموحات: خذن شغفكن على محمل الجد، واستثمرن في التعلم، ولا تترددن في شق طريقكن الخاص. هذا المجال بحاجة إلى أصوات جديدة ورؤى متعددة، وكل خطوة تخطينها اليوم تفتح الطريق أمام الجيل القادم.