عشاء بين الغيوم: رفاهية تحلق بك في السماء

في زمن تبحث فيه تجارب الضيافة الفاخرة عن التفرّد، تبرز تجربة لا تشبه سواها؛ وهل هناك أغرب من أن تتذوّق وجبتك معلّقًا في الهواء فوق المدينة التي تحب؟

تعود تجربة العشاء في السماء إلى الواجهة العالمية بأسلوب أكثر تفوقًا. الفكرة التي نشأت في بدايات الألفية، والتي كانت تبدو لكثيرين كمجرد عرض بهلواني فاخر، تحوّلت اليوم إلى تجربة ضيافة متكاملة: بين السماء والأرض.

هذه التجربة ليست عرضًا مدهشًا فحسب، بل هي إعادة تعريف لفكرة الطاولة: مكان يجتمع فيه الذوق، والابتكار، وجرأة التصميم. فوق منصة تحلق بالضيوف، والطهاة، إلى حدود الأفق، تنكشف مشاهد بانورامية تخطف الأنفاس، ويُقدَّم الطعام لك وكأنك على مسرح مفتوح بين الغيوم. إنه حدث حسي وبصري وفني يُدار بإتقان.

في كل تفصيل من هذه التجربة هناك رسالة واضحة: الرفاهية لا حدود لها، والمفاجأة ليست استثناءً، بل قاعدة.

ماذا تعني هذه التجربة بالفعل؟

لم يعد العشاء بين الغيوم محصوراً في موقع واحد أو موسم معين. بل بات تجربة متنقّلة تقام في مدن وعواصم مختارة حول العالم، تتغيّر مواقعها لكن لا تتنازل عن معاييرها: أن تمنح ضيوفها مشهدًا نادرًا وتجربة لا تنسى.

في كل موقع، يتم اختيار مكان مفتوح بعناية: بجوار معلم شهير، أو في قلب صحراء مفتوحة، أو فوق ميناء بحري، ثم يتم نصب منصة معدنية معلّقة تستوعب عادة من 16 إلى 22 ضيفًا، إضافة إلى طاهٍ محترف، وطاقم خدمة مدرّب.

يجلس الضيوف على مقاعد مريحة مثبتة بأحزمة أمان، تدور قليلًا لتسمح بإطلالة بانورامية. ترتفع الطاولة بهدوء حتى تصل إلى ارتفاع يقارب 45 إلى 50 مترًا، ويبدأ العرض والعشاء.

تجربة مخصصة لكل مدينة… ولكل ضيف

المميز في هذه التجربة أنها لا تقدّم قالبًا ثابتًا. كل موقع يُعيد تشكيل مفهوم العشاء المرتفع حسب ثقافته، ومشهده الطبيعي، ونكهاته المحلية. ففي باريس مثلًا، تُقدّم أطباق فرنسية بتوقيع طهاة مرموقين حائزين على نجوم ميشلان، بينما في كيب تاون، قد تتضمن الوجبة عناصر من المطبخ الجنوب إفريقي المحلي، مع عزف حيّ لموسيقى الجاز.

يتم تصميم الوجبة خصيصًا لتناسب الوقت، والطقس، والأجواء العامة. بعض المواقع تقدّم وجبة غداء خفيفة وقت الظهيرة، بينما يختار البعض الآخر تقديم العشاء وقت الغروب، حين يتحوّل المشهد تحت الطاولة إلى بحر من الأضواء والمدن النابضة.

من الجمهور المستهدف؟ ولماذا يلقى هذا الإقبال؟

هذه التجربة لا تُوجَّه فقط لأثرياء يبحثون عن الإثارة، بل لهواة الفن، والمذاق، والطبيعة. تجمع بين عشاق المغامرة الحضرية، والذوّاقة الذين جرّبوا كل المطاعم الفاخرة وباتوا يبحثون عن شيء فريد لا يشبه غيره.

بالنسبة لكثير من الضيوف، هي لحظة استثنائية من الاندهاش. تخيّل أن ترتشف قهوتك على ارتفاع ناطحة سحاب، أو أن تتناول المقبلات وأنت ترى المدينة من زاوية لا يعرفها حتى الطيارون. إنها ليست وجبة، بل رواية تكتبها ببطاقة دخول واحدة.

إنها آمنة بالتأكيد

قد يبدو العشاء المعلّق فوق المدينة فكرة محفوفة بالمخاطر، لكنها في الواقع مدروسة بعناية. تعتمد هذه الفعالية على تقنيات هندسية دقيقة، ويتم استخدام رافعات صناعية قوية، مصحوبة بنظام أمان صارم يشمل الحزام الخاص بكل مقعد، وتدريبات متكررة للفريق الفني.

كل جلسة تسبقها عملية اختبار شاملة للمنصة، وتكون هناك سيارة إسعاف وفريق إنقاذ على الأرض في حال الطوارئ، وإن كانت نسب الحوادث على مدار السنوات شبه معدومة.

العشاء الذي يصنع الذكريات المثالية

جزء من جاذبية هذه التجربة هو أنها قابلة للتوثيق بطريقة مذهلة. الصور التي يلتقطها الضيوف على الطاولة، مع خلفية من السماء المتدرجة والمدينة البعيدة، تُشكّل إحدى أقوى المواد البصرية التي يتداولها الإعلام ومؤثرو السفر والذوق الراقي.

بل إن كثيرًا من الأزواج حول العالم يختارون إقامة حفلات زفاف مصغّرة على هذه المنصات، في مشهد يبدو وكأنه من أفلام الخيال، بينما هناك عروض خاصة تُقدَّم لعشّاق التصوير، مع تقنيي إضاءة محترفين لتحويل العشاء إلى جلسة فنية علنية في السماء.

ما يميّز هذه التجربة حقًا ليس فقط الجرأة الهندسية، بل كيف تمّت ترجمة الرفاهية إلى شعور لا يُنسى. كل لحظة محسوبة: من اللحظة التي تصعد فيها، إلى لمسة الطبق الأخير، إلى نزول المنصة وسط تصفيق داخلي لا يسمعه أحد إلا صاحب التجربة نفسه.

شارك على:
تارت التين مع كريمة اللوز بطابع متوسطيّ أنيق

عندما نتحدث عن الحلويات الفاخرة التي تجمع بين البساطة والأناقة،…

متابعة القراءة
رحلات الاسترخاء في عرض البحر تنعشها نكهات المشروبات الفاخرة

تخيل مشهدًا لا حدود له: الأفق ينحني حيث البحر يلامس…

متابعة القراءة
مجموعة من أدوات المائدة المستدامة تعبّر عن الوعي البيئي

في السنوات الأخيرة، لم تعد أدوات المائدة تُختار فقط بناءً…

متابعة القراءة