تقاليد طعام قد تُفاجئك في المغرب

يُعرف المغرب بأنه بلد الثَّقافات الغنية والمتنوعة، ولا شكّ أن المطبخ المغربي جزء لا يتجزأ من هذا التراث العريق، فهو يتميز بغنى الطعام وثراء النكهات التي تعكس تاريخ هذا البلد وجغرافيته المتنوعة. وخلف الأطباق الشهية والبهارات العطرة، تختبئ تقاليد طعام قد تُدهشك بجمالها وتفرّدها.

في مقالنا، سنستعرض بعض التقاليد الغذائية المغربية التي قد تُفاجئك وتجذبك لاكتشاف المزيد عن هذه الثقافة الغنية.

الضيافة أولًا… قبل أي طبق!

في الثقافة المغربية، استقبال الضيف هو أمر مقدس. لا يمكن للضيف أن يدخل بيتًا دون أن يُقدّم له الشاي بالنعناع الذي يُعتبر رمز الضيافة المغربية، تُقدم النساء عادةً الشاي للضيف بمهارة، حيث تقمن بصبه من ارتفاعات مختلفة لتكوين رغوة غنية.

وإلى جانبه يتم تقديم الحلويات التي تُعَدّ جزءًا لا يتجزأ من التقاليد الغذائية المغربية، حيث تُستخدم المكسرات، والعسل، والتوابل لإعداد مجموعة متنوعة من الحلويات. ومن أشهر الحلويات التقليدية: البقلاوة، وكعب الغزال، والمحنش التي تُعتبر فريدة من نوعها بتقنياتها المعقدة.

حتى وإن كانت الزيارة قصيرة. يعتبر هذا الطقس عربون ترحيب واحترام، ولا يتم الانتقال إلى وجبة الطعام إلا بعد جلسة شاي دافئة مليئة بالأحاديث الودية.

الأكل باليد… فنٌّ واتصال روحي

في العديد من البيوت المغربية التقليدية، لا تزال عادة تناول الطعام باليد (خاصة اليد اليمنى) حاضرة بقوة، خصوصًا عند تناول أطباق مثل الكسكس أو الطاجين. لا يُعتبر هذا مجرد أسلوب تقليدي، بل يُنظر إليه كطريقة للتواصل مع الطعام والشعور به قبل تذوقه، مما يضيف للوجبة بُعدًا حسيًا وروحيًا مميزًا.

مشاركة الطبق… رمز للمحبة

في الثقافة المغربية لا بد من احترام طقوس خاصة أثناء تناول الطعام، لأنه يُعتبر تجربة اجتماعية بامتياز، حيث يُجمع العائلة والأصدقاء حول مائدة مستديرة، وغالبًا ما يُستخدم طبق كبير مشترك، بدلاً من الأطباق الفردية.

يُظهر هذا التقليد روح الجماعة، ويُعتبر دعوةً للتعاون والود، حيث يُشارك الجميع في خدمة أنفسهم. كما أن الجلوس معًا حول طبق واحد يُعدّ رمزًا للوحدة والمساواة، ويُعزز مشاعر القرب والمودة بين الجالسين.

الكسكس يوم الجمعة… عادة لا تتغير

رغم تنوع الأطباق في المطبخ المغربي، إلا أن هناك قاعدة لا يزال الكثيرون يحترمون اتباعها: يوم الجمعة هو يوم الكسكس! فبعد صلاة الجمعة، تجتمع العائلات حول طبق ضخم من الكسكس التقليدي المزخرف بالخضروات واللحم أو الدجاج. ويُقال إن هذا التقليد يعزز الروابط العائلية ويُكرّس مفهوم البركة والوفرة.

وما قد يُفاجئك أيضاً هو كيفية تحضيره. حيث يتطلب إعداده عملية دقيقة تستغرق وقتًا طويلاً. يُصنع من سميد القمح ويُبخر فوق الخضار واللحم، مما يعطيه نكهة غنية وعطرية، وتضاف بعد ذلك التوابل المحلية مثل الزعفران والكمون، لتظهر النكهات الفريدة لأشهر أطباق المغرب العربي.

الحلو والحار… مزيج مفاجئ الوجبات اليومية وتميّزها

تُعرف الوجبات اليومية في المغرب بتنوعها وثراء نكهاتها، وقد يفاجئك التوازن الفريد بين الحلو والحار في النكهات المغربية.

على سبيل المثال، الطاجين بالبرقوق الذي يُعد رمزًا لفن الطهو المغربي، وهو واحد من أكثر الأطباق شعبية. يُطهى باستخدام قائمة طويلة من المكونات بدءًا من اللحم والخضار إلى الفواكه المجففة، لينتج طبقاً تتمازج فيه النكهات بشكل رائع، ويجمع بين طراوة اللحم ونكهة البرقوق الحلو مع لمسة خفيفة من التوابل الحارة. هذا المزج بين المتناقضات يُعتبر من سمات الذوق المغربي الأصيل.

البركة في الطعام

تعتبر البركة من المفاهيم المركزية في الثقافة المغربية، وتُعطي الطعام بُعدًا روحانيًا يتجاوز مجرد كونه مادة غذائية، حيث يُعتقد أن البركة تعكس النعمة والوفرة.

يحرص المغاربة على قول “بسم الله” قبل البدء في تناول الطعام و”الله يبارك” بعد الانتهاء منه، إذ يُعتبر ذلك تأكيدًا على الامتنان لله وتقدير النعمة، فالإيمان بأن الطعام محمّل بالبركة جزء أساسي من العلاقة العاطفية والروحية التي تجمع الناس بالمائدة وتجسد للقيم الاجتماعية والدينية. وهذا ما يُضفي على كل وجبة عمقًا ومعنى يتجاوز الطعم والجودة.

وفي بعض المناسبات، يتم تضمين طقوس إضافية لتعزيز البركة، مثل مشاركة الطعام مع الجيران أو تخصيص أجزاء من الوجبة لمحتاجين. كما يُعتبر تواجد العائلة والأصدقاء حول المائدة بمثابة تعزيز للبركة، حيث تساهم اللحظات المشتركة والضحك في إضافة طاقة إيجابية للوجبة.

قدمنا في هذا المقال لمحة عن بعض التقاليد الغذائية المغربية التي قد تُفاجئك بجمالها وغناها. المطبخ المغربي هو أكثر من مجرد طعام، إنه لغة من لغات الحب والانتماء، واحتفال بالتقاليد والثقافات التي تتقاطع عند مائدة الطعام، وانعكاس لتاريخ طويل من الكرم والتنوع الثقافي والروابط الإنسانية.

شارك على:
فنون الضيافة الشرقية: سحر الكرم والأناقة في تراث الأجداد

الضيافة ليست مجرد عادة وتصرفات محددة، بل هي فن راقٍ…

متابعة القراءة
مشهد الطهو العالمي ينبض بالحياة في الخليج: 4 افتتاحات منتظرة لعشّاق الطعام

تجارب طعام عالميّة جديدة قريبًا في الرياض ودبي!

متابعة القراءة