التسمية الشعبية للأطباق بين البلدان تكشف اختلاف الذوق والثقافة

تشكّل التسمية الشعبية للأطباق بين البلدان مرآة دقيقة تعكس تباين الأذواق واختلاف الثقافات من مكان إلى آخر. تُطلق الشعوب على الأكلات أسماءً قد تبدو طريفة أو غير متوقّعة، لكنّها غالبًا ما تنبع من موروث شعبي عريق أو تجربة اجتماعية محليّة خاصّة. لا تعبّر هذه التسميات فقط عن مكوّنات الوجبة أو شكلها، بل تحكي حكاية طويلة من العادات، والمعتقدات، ومن طرائق العيش.

تتنوّع أسباب التسمية بين أبعاد دينية، ورمزية، وفكاهية أو حتى سياسية. ومن خلال الغوص في معاني هذه التسميات، يُمكن للمرأة أن تكتشف أن كلّ طبق يُخفي خلف اسمه رسالة ثقافية تعبّر عن هوية البلد وسلوك أبنائه.

١- تعبّر الأسماء عن قصص الشعوب

تُخفي التسمية الشعبية للأطباق بين البلدان خلفها قصصًا ممتعة تستحقّ الإصغاء. فعلى سبيل المثال، يُعرف طبق “الشكشوكة” في بعض الدول العربية، بينما يُطلق عليه “بيض بالطماطم” في أخرى، رغم أنّ المكوّنات واحدة تقريبًا. هذه الفروقات اللفظية لا تدلّ فقط على اختلاف اللغة، بل تكشف عمق التأثير الشعبي في صناعة الاسم. حين تُسنَد التسمية إلى صوت الطعام خلال الطهو أو إلى مظهره، فإنّ الذاكرة الجماعية تكون قد ساهمت في خلق هذا المصطلح.

٢- تختلف الأذواق وتُؤثّر في التسمية

تُبيّن التسمية الشعبية للأطباق بين البلدان أنّ ما يُعتبر لذيذًا في منطقة ما قد يبدو غريبًا في أخرى. يُطلق اللبنانيون على طبقٍ شعبيّ “مجدّرة”، بينما يُعرف في سوريا بـ”مدردرة”، وفي الأردن يختلف الاسم تمامًا. يعود هذا إلى تفضيلات الطعم وإلى طريقة التحضير الخاصة بكل منطقة، حيث تؤثّر البهارات، ونسبة الزيت، وحتى طريقة تقديم الطبق على الاسم الذي يُمنح له.

٣- تُعبّر الأسماء عن الحسّ الفكاهي

تلجأ شعوب كثيرة إلى إدخال الفكاهة في التسمية الشعبية للأطباق بين البلدان. فطبق “بيض العيون” في بعض الدول العربية يشير إلى شكل البيض عند القلي، ولكن الاسم مستوحى من التشبيه بالعين البشرية. كذلك، يُطلق المصريون على طبق العدس اسم “الكشري”، بينما لا يحتوي الطبق الكشري بمعناه الأصلي، بل تحوّل الاسم مع الزمن ليصبح دلالة على مزيج المكوّنات. هذه الأسماء تخفّف من رسمية المطبخ وتجعله أقرب إلى القلب والعائلة.

٤- تتأثّر الأسماء بالعوامل التاريخية

تُظهر التسمية الشعبية للأطباق بين البلدان مدى تأثّر الشعوب بتاريخها وأحداثها. تُطلق بعض المناطق على طبق الأرز واللحم اسم “المقلوبة”، إشارة إلى طريقة تقديم الطبق بعد قلبه رأسًا على عقب. هذا النوع من التسميات يحمل دلالة حسّية وسردية في آن، فتُصبح الأكلة ليست فقط طعامًا يُؤكل، بل تجربة تُروى.

٥- تندمج الهويّة المحلية بالتأثيرات الأجنبية

لا تقتصر التسمية الشعبية للأطباق بين البلدان على الأطباق الأصيلة فقط، بل تشمل أيضًا تلك التي دخلت إلى الثقافة من الخارج. فتسمية “هامبرغر” أو “شاورما” أصبحت جزءًا من القاموس الشعبي، رغم أنّ أصولها غير عربية. تعمد الشعوب إلى تعريب الأسماء أو تغييرها بما يتناسب مع لسانها وثقافتها، فتتحوّل الأكلة المستوردة إلى جزء من الهوية المحلّية.

تكشف التسمية الشعبية للأطباق بين البلدان عن ثروة لغوية وثقافية دفينة، تختصر في كلمات قليلة مسارات من التاريخ، من الذوق، ومن التقاليد. تُقدّم هذه الأسماء نافذة لفهم الشعوب من مطبخها، وتفتح المجال أمام اكتشاف ما يُميّز كلّ بلد في نظرته للطعام. يُصبح الطبق بذلك لغة مشتركة تعبّر عن انتماء الإنسان وهويّته، وتُوحّد بين الشعوب رغم تنوّع مذاقاتها.

شارك على: