منذ القدم، ارتبطت العطور والبخور في الإمارات بالضيافة والكرم الأصيل. لا يكتمل استقبال الضيوف دون أن تعبق المجالس برائحة العود والمسك والورد، فالرائحة الطيبة هنا ليست مجرد ترف، بل انعكاس عميق لاحترام الضيف وإكرامه بأجمل ما تملك العائلة من نفائس وروائح تعكس هويتها ودفء مشاعرها.
البخور… عبق يسبق القهوة
يُعتبر تمرير المبخرة بين الضيوف من أولى خطوات الترحيب بهم، إذ يسبق تقديم القهوة العربية أحيانًا. يختار الإماراتيون عادة بخور العود الفاخر أو دهن العود النقي، ليفوح في أرجاء المجلس ويترك أثرًا خالدًا في الذاكرة. ويُعتقد أن دخان البخور ينقل البركة وينشر الطمأنينة في المكان، كما يطرد الروائح غير المرغوبة، فيشعر الضيف بالراحة والسكينة.

العطور… لمسة تكمل الصورة
إلى جانب البخور، تُقدم للضيف العطور الشرقية كنوع من الكرم والإكرام. يحمل أفراد العائلة أو المضيف نفسه زجاجة دهن العود أو المسك أو العنبر ليدهن منها الضيف رقبته أو يديه. هذه العادة ترفع قيمة اللقاء، إذ يشعر الزائر بمدى التقدير الذي يحظى به، وكأنه بات فردًا من العائلة لا مجرد ضيف عابر.

رمز ثقافي عابر للأجيال
رغم التطور الكبير الذي شهدته الإمارات، بقيت هذه العادات متجذرة في بيوت الأجداد والأحفاد على حد سواء. إذ يعتبر تقديم البخور والعطور من أرقى طقوس الضيافة التي لا تزول بمرور الزمن، بل تزداد قيمةً وجمالًا. بل حتى الفنادق والمنتجعات الإماراتية الراقية تتبنى هذه العادة ضمن طقوس استقبالها الفاخر، لإضفاء طابع أصيل يميّزها عالميًا.

رائحة تصنع هوية
في النهاية، يبقى البخور والعطر أكثر من مجرد رائحة جميلة. هما هوية ثقافية، ورسالة ترحيب صامتة تقول للضيف إنه مرحّب به في أي وقت، وإن وجوده يحمل البركة والسرور للبيت. إنه كرم الضيافة الإماراتية في أبهى تجلياته، يعبّر عن الأصالة والرقي في آن معًا.